الخميس، 8 ديسمبر 2011

نور واللّون القذافي

انتهت الثورة لإسقاط الحكم في ليبيا ..
وقد كللت بأقصى مما كنّا نتوقع ولله الحمد ..
الرحلة كما يدرك الجميع لم تكن بالهينة ، واعلاننا عن الكم المستنزف من الارواح فيها ليس مغالاة في التقدير ..
ارتال من الشهداء هي ثمن نجاحها ، والاف من الجرحى ، ومئات من المنازل التي صارت اكواماً من الحجارة ...
اما الضرر النفسي .. فحدّث ولا حرج .. !!
الثورة .. ومنذ ايامها الاولى .. استقبلت كُل من جاءها من شعبنا لاجيء ، طالباً اسقاط حكم امتدّ ليأكل الأخضر واليابس ..
بدأت بأيام عصيبة .. ومشحونة .. والمجال للحديث عن نهايتها لا يبدو جلياً امامي الآن ..
هتافاتها ..
اجل .. الثورة اشعلتها حناجر غاضبة قبل بنادق الثوّار ..
وبعد قطع الانترنت علينا ، تراكمت الافكار التي لم نكن نجد مكانا لإفراغها ..

نور .. هي احد ابرز سمات الثورة بالنسبة لي ..
ابنة اخي التي لم يتجاوز عمرها الثلاثة سنوات بداية الثورة كانت تهتف لي بصوتها الطفولي الله .. الشعب .. وكانت تلحق بها (بيليا) والقصد منها هو ليبيا ..
 احبت الثورة معنا ، وكرهت الظلم معنا ،كانت تشاركنا خياطة اعلام (الاستكال) كما كانت تنطقها ..
كنّا نسجل سوية في آخر الليل نشيد الاستقلال حتى اذا جاء الصباح نسيت ما كنا نفعله البارحة ، او هذا ما كنا نتمناه ..
نور كانت تقول لي بصوت خافت .. عمتو انا اكره (الددافي) كنت اسألها لما ..
فكانت تقولي لي لأنه (يقتل فينا) ..
هذه الكلمة تجعلني افكر مراراً وتكراراً .. إذا كان هذا الطاغي لا يفهم كيف يتحول الطفل البريء إلى فقيه عسكري يعرف ان رصاصة الرأس قاتلة .. هل تراه سيفقه ان قلنا له ارحل .. !؟
ايامنا المُرّة الجميلة .. كانت لا تمضِ دون ان تسمعنا نور نشيد (الاستكال) أي "الاستقلال" ..
اغلب اوقاتنا التي كنا نمضيها سوية كانت في المكتبة .. كنت امازحها بالقول نور انتِ ابنة معمر فكانت تصمت لتشعرني بإستيائها..
من المواقف التي اذكرها ..
عشية يوم من ايام الثورة .. خُيّل إلىّ اني اسمع صوتها، استدرت قليلا بإتجاه النافذة .. فرأيتها فوق سور المنزل ، كانت تصرخ بصوت عال ، (الددافي هرب ياهووه) اسرعت لأنزالها ، لتسألني جارتي .. خيرها نور !!
ابتسمت وقلت لا بأس ، كانت تغني فقط .. !!
مرّت اشهر الثورة ونحن على ذات الحال ، ايام ذهبنا الى المزرعة لتسجيل بعض المقاطع ، واخرى في جنح الليل ، واخرى في النهار .. تركناها ماضي من خلفنا ..
تحررنا .. وصار البوح عادة ..
وظلّت عقدة نور من اللون الاخضر تلازمها وتلازمنا ..
قبل ايام قليلة اشترى لها جدّها علبة الوان .. فكانت اول ما قامت به هو اخراج اللون الاخضر ووضعه في سلة القمامة .. سألتها بإستغراب .. فقالت لا اريده لون (قذّافي)
حاولت ان افهمها أن هذا موجود في علم الاستقلال فأصرّت ان العلم به ثلاثة الوان دون فصل .. كانت تشير بأصبعها الصغير قائلة ( شوفي هما كيف مع بعض احمر واصفر واخضر) كانت تتحدث عن الوان العلم .. العلم فيه اصفر !! او على الاقل هذا ما تدركه حتى الآن ..
ولم يتوقف الامر على لون في العلبة .. فأثناء زيارتنا لأحدى محلات ملابس الاطفال القريبة منا ، كان يعلق فستانا اخضر ..
في بداية الامر .. التفت فوجدت نور تتلمسه ، لم انتبه إلى الامر حقيقة .
خرجنا إلى محل آخر .. ثم دقائق حتى عدنا إلى ذات المكان ..
اخذنا ما نبحث عنه .. وقررنا الخروج لكن الملفت ان نور لم تكن بجانبي ..
التفت يميناَ ويساراً .. وجدتها (تعضّ) وبكل قوتها الفستان الاخضر ..
استأتُ لما رأيت .. سألتها لما فعلتِ هكذا فقالت لي بنبرة غضب .. لا اريده لون قذافي !!
_________________________
كتبت هذه التدوينة .. لربما سيأتِي يوماً تمُرّين فيه من هنا :) ..

هناك 3 تعليقات:

رامز رمضان النويصري يقول...

الأطفال أحباب الله
هم بهجة الدنيا وفرحتها

تحياتي لنور الرائعة



تحياتي

محمد النّعاس يقول...

استغربُ لماذا أصبحنَا نكره اللون الأخضر و بشدة ، هل لأن اللون هو لون سادي ؟ ، أم فقط لأننا ننظر للظواهِر لا لبواطِن الأمور. . . فنتخذ موقفاً من مظهر الشيء ، لونه أو شخصه ! !.
يجبُ عليكُم مُعالجة أمر اللون ^_^ . . .

أتذكر أن لي أبن أختي اسمه مُحمّد كان عندما يركب السيارة يُنادي هُو و أختِه في الطريق الشعب يريد إسقاط النظام ! ، حتّى أنّه و في أحدِ الأيام كاد يُعتقل أبوهما بسببهما ^^ . الأطفال وُلِدوا أحرار لا يهابون. .. . ^^

Unknown يقول...

بكل تأكيد أخي رامز ..
تحياتي لك ايضاً ..

محمد استغراب مبرر .. قرفنا يا أخي كله اخضر صبغة ولم يكن شيء منهُ حقيقيّ ^^ .. صدقت ولدوا احراراً بالفعل ..