الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

شاهِدة عَلى الثّورة / يونيو


جاء يونيو .. ومعه كثير من الصبر ..
الثورة شهراً بعد آخر تطول .. تشتد عزومنا .. وتحترق الافئدة على خيرة شبابنا ..
رسائل النقال لا تتوقف ..
قبائل تزحف .. واخرى تحبو مقطوعة الارجل لتطهير الجبل .. وتطهير مصراتة .. وتطهير الشرق .. وتطهير النهر والبحر !!
اما الاطرف على الاطلاق .. فهو ما كتب عن هيلاري كليتون ..
والمسيرة التي خرجت بعد هذا الامر الاخضر .. بالرد على هيلاري .. حرائر ليبيا يردون على هيلاري ..
خرجن بكامل اخضرارهن .. اياديهن لطخت عليها عبارات الجهل ..
و(الاخ القائد) خرج هو الاخر صوتا لا صورة .. بعد غياب طويل ، بضحكة غبية كان يوجه كلامه لإحدى الحربوات .. هاهاها شفتك ياماما *
هذه العبارة التي دخلت مزبلة التاريخ ..
تنادي على المعنية بها .. الدخول إلى المزبلة نفسها !!
أي وقاحة كان يمتلكها اولئك القتلة .. من اراقوا دماء شهدائنا بكلماتهم المسمومة ..
الامل في عودتهم إلى رشدهم كان مفقود ..
يرن جرس هاتفي ..
تبشرني صديقتي بأن (العصابات المسلحة قد تقدمت) وكانت تقول لي بصوتها المبتهج (كيف بنديروا يا ايناس)
العصابات المسلحة .. كانت هذه هي الشيفرة التي نستخدمها في حال اضطررنا للحديث في الهاتف حول امر ما ..
اغلقت من سلسبيل .. واتصلت بوالدي الغائب عني منذ فترة ..
قلت له اول ما قلت .. بابا : يقال ان العصابات في تقدم .. وان الكتائب في تراجع ..
فقال لي : قصدك الشعب المسلح !!
اجبته بارتباك اجل ..
فقال :لا بد وان قطر العميلة قد ادخلت السلاح ..
فقلت : له والقذافي ايضا لا زال يمتلك الكثير ..
ضحك وقال .. سننتصر ان شاء الله .. "هي سكري سلم بنتي " ..
اغلقت الهاتف وعدت لمشاهدة الاخبار  .. نيابة عن امي ..
الاعترافات بالمجلس الوطني الانتقالي كسلطة حاكمة لليبيا في تزايد هذه الايام ..
ثوار مصراتة على ابواب الدافنية .. اكبر المعارك على الاطلاق ..
وثوار الشرق .. تبتلعهم حفر الالغام في البريقة .. الواحد تلو الآخر ..
إن جريمة الالغام المزروعة هناك .. دون خريطة تذكر هي من ابشع وافضع الجرائم التي ارتكبها القذافي في هذه الحرب ..
الالاف من شهدائنا الذين راحوا كأكباش فداء لهذه الالغام ..
اولئك هم اصحاب الفضل الاكبر .. الذين عملوا على استمرار جبهة الشرق اطول فترة ممكنة لاستنزاف قوة القذافي العسكرية والبشرية ..
عشرات المرتزقة كانت تأسر كل يوم ..
ننتظر جديداً فلا يأت ..
تسعة ايام مضت من هذا الشهر ..
قررنا في عاشرها الانتقال للمزرعة .. بعيداً عن الكبت .. لا احد سيلاحقنا هناك .. أو على الاقل هذا ما كنا نرجوه ..
لكن حقيقة الامر لم تكن كذلك ..
انقضى اول يوم هناك .. وقبل حلول المساء بقليل .. دخلت البوابة احدى سيارات الحرس الشعبي .. تحمل 4 اشخاص تقريباً ..
كنا انا واخي الاكبر نقف على الدرج حين توجه إليهم والدي ..
طلبوا منه مقابلة باسم ..
فأجاب والدي : اذا كان الامر مهم سآتي معكم !!
في تلك اللحظة تحديداً .. رن جرس الهاتف فأجاب باسم ..
السيد سالم هو المتصل .. كان ينبه اخي بأن عليه الخروج فوراَ من المزرعة لان امر القبض سينفّذّ بحقه الليلة ..
ارتبكت حقيقة لما سمعت وشاهدت .. اغرورقت عيناي دمعا .. شعرت بأن هذه هي المرات الأخيرة التي اراه فيها  ..
خرج عناصر الحرس الشعبي بعد ان تحصلوا على وعداً  من والدي باللحاق بهم ..
اتجه والدي حيث تجلس العائلة .. وما كان امامي سوى اللحاق به ..
امرنا بالعودة إلى المنزل ..
خرجنا وفي الطريق وجدنا ذات السيارة بإنتظارنا .. كانوا يحدقون بنا .. ولكنهم لم يجدوا اخي معنا ..
عادوا إلى المزرعة كما اخبرنا والدي ، ولحسن الحظ رآهم قبل ان يروه فخرج من النافذة الخلفية راكضاً حافياً دون اتجاه ..
دخلوا باحثين عنه فلم يجدوا احداً .. اتهموا والدي بالخيانة .. فأصر بأنّه لم يرَ باسم ..
اخذوه واتجهوا إلى نقطة تمركزهم .. وبعد التحقيق امروا بإخلاء سبيله ..
واثناء عودته إلى المزرعة اتصل جارنا محمد ليبلغ والدي بأنه لديه امانة عنده .. ذهب إليه فوجد باسم ينتظر ..
شق به الطريق إلى منزل أحد الاقرباء.. حيث تركه هناك وعاد إلينا ..
دخل والدي .. وامرنا بالاستعداد للسفر إلى تونس فجراً ..
وعلى تمام الساعة السابعة صباحاً اتجهنا إلى هناك ..
طيلة الطريق إلى البوابة كنت انظر إلى تلك الاعلام المعلقة وفي خاطري ألف امنية ..
متى سيأتيك الدور يا وطن ..
آخر ما اذكره قبل خروجنا من البوابة .. ذلك العجوز الساخر الذي كان ينظر بإتجاهنا مردداً الشعب الفنزويلي هرب موزعا ابتساماته الصفراء !!
دخلنا تونس .. وعلى احر من الجمر انتظرنا قدوم باسم ..
رحلته التي كانت تؤجل كل يوم .. ها قد جاءت اليوم .. السادس عشر من يونيو ..
اخبرنا باسم أنه الليلة سيغادر ليبيا بحراً .. وانه مع صباح الغد سيكون معنا ..
جاء الصباح ولكنه لم يأتِ .. طال الانتظار حتى المساء .. رن الهاتف فردّت امي ..
انّه ضباط الحدود التونسي .. يبشر امي أن ابنها في تونس وهو بسلام الان ..
هنا .. انتهت رحلة العذاب المريرة على الاقل نفسياً ..
وما وراء قصة مجيئه كان ما اشق من البحر ..
هي رحلة الموت التي عبرها من الصحراء إلى تونس سيراً على الاقدام ..
آثارها على قدميه كانت كفيلة بتوسيم الصمت بليغاً ..
ليلا .. وصل إلى المنزل .. اختطلت المشاعر .. بين ان يسلم اخٌ ويتعذبّ آخر هُناك فإن هذا غير مقبول ..
هذا ما توقعته من اخي .. وهذا ما كنت اريده .. نحن جربنّا الشعور .. حين تموت كل المشاعر تجاه هذا وذاك ليبقى الوطن وحده ..
بعد ثلاثة ايام امرنا بالعودة إلى ليبيا .. ولكننا لم نستجب .. يومين آخرين ثم قررنا الخروج ..
ودّعناه على امل اللقاء ..
وعدنا الى الوطن المحاصر .. دون جديد يذكر .. سوى نظرات التحديق بكل العائدين من تونس ..

الجمعة، 23 ديسمبر 2011

في الذكرى ال60 لإستقلال ليبيا


قبل سنة من هذا التاريخ ، لم نكن نفكر مطلقا في ان الآتي عهدٌ جديد ، الثورة من الحلم الى الحقيقة لا زلت لا استوعبها ، والآلاف ممن امتلأة بهم شوارعنا بالإمس هم اليوم شُهداء لأجل هذا الوطن ولأجل هذه اللحظات المُعجزة ..
بمناسبة الذكرى الستين لإستقلال ليبيا المجيد ، ها نحن نعيد الكّرة الثانية رغم مواجعنا لنحتفل بمولد ليبيا الجديدة ، بكثير من الامل الاّ يعود الماضي بتفاصيله المُرّة الى حياتنا ..

ثم وعلى طريقتي قررت جمع الصور الاصلية لأيام الاستقلال ( التي امكن لي جمعها من على الشبكة) لرفعها على المدونة بالمناسبة .

بشير بك السعدوي
الملك ادريس السنوسي


ذكرى الاستقلال الليبي


24 ديسمبر1951

الأحد، 18 ديسمبر 2011

شاهِدة عَلى الثّورة / ابريل


تتراكم الالام شهراً بعد شهر .. 
الجزيرة والعربية سبّاقتان لنقل الصورة كالمعتاد ..
الان بي ان ، تلهث في تمجيد جراثيم الأسد وعصابته!
الاخبار بداية هذا الشهر تسير ببطء ولكن شبابنا إلى الجنّة كانوا اسرع بمئات المرّات ..
الزنتان .. القلعة .. القواليش .. يفرن .. معبر ذهيبة وازن .. 
كر وفر .. حصار وجوع ووضع يرثى له ..
اهلي في الجبل صاروا  بين لاجئ في مخيمات الحدود وبين محارب أو شهيد ..
الفواصل بين هذه الحالات الثلاث تكاد تكون معدومة ..
ما من مفر ..
الجهاد الجهاد .. الشهادة الشهادة .. كما يذكرنا الشهيد الشيخ محمد المدني رحمه الله ..
ان اكثر ما تطلعت اليه في تلك الاوقات .. خبر عاجل على احدى القناوات مفاده سيطرة الثورة على نقطة ما ..
كثيرة هي الاخبار حقيقة .. بقدر ما كانت تثلج الصدر احيانا .. كانت مُرّة في الوقت ذاته ..
تلك الارتال إلى الجنة .. اتخيلها وهي تسير ناظرة باتجاهي ..
ليبيا امانة في اعناقكم يا شعبنا ..
الروح غير الروح ..
والشعور غير الشعور ..
منزلنا  كحال البلد .. نبحث عن الاجتماع فلا نجده ..
بين هارب من قبضة الصمت تائهاً في المزرعة وحيداً .. إلى آخر يأبى الا ان يتكلم فيتابعه المنافقون وايديهم على الزناد ..
اما بالنسبة لي .. فإن
الخروج من المنزل في تلك الفترة كان بالمرادف الجديد يساوي دخول سجن اكبر ..
و انا اتذكر تلك الايام المحتقنة.. بمرارة ولذة قلّ اجتماعهما في الآن ذاته .. 
اخماد الثائر يعني قتله .. 
ليكمل من بعده من يستلم الشعلة .. 
لم تعد ترهبنا تهديداتهم ولا اتهاماتهم .. ولم يتبقّ سوى الاستشهاد .. 
هذه هي العبارات التي كان يرددها اخي الأكبر ..
سماع احدهم يصرخ بالخارج يستوجب الاتجاه الى السطح لمراقبة بعض من ازلام المقبور يقيمون عرسا بمناسبة تحرير مصراته .. !! 
بخطوات سريعة انزل من الدرج ابشر من لم يسمع الصوت ، ان مصابا جلل قد اصاب دائرة الطاغي الاولى  ..
مصراتة هذا الشهر ترسم ملامح النصر ...
جبهتها المجاهدة تبشرنا بتحرير زاوية المحجوب وكاميرا الجزيرة بمراسلها ناصر البدري هي أول من يدخل المكان  ..
ناصر وبعد وصوله إلى مصراته بحراً يقول ما ليس بجديد ..
حصار المدينة .. وبطش الكتائب سجلهما التاريخ .. وهو ايضا لم يغفل عن تسجيل المدينة كأسطورة جديدة ..
وعن أي اسطورة نتحدث .. 
يحضرني في هذه اللحظة الشهيد البطل محمد الحلبوص الذي ظهر فجأة كخبير عسكري  ..
الشهيد الذي عُرف بتخطيطه الحذق هو من حث الثوار على قطع خطوط امداد الكتائب المتجهة الى المدينة بأي وسيلة 
ولو احتاج الامر لتضحيات العشرات بل المئات رغم قلة خبرته العسكرية !
العالم هذه الايام شاهد على طمينة والغيران وزاوية المحجوب وشارع طرابلس ..
اما هنا .. فإن داخلي يحترق ..
وأي احتراق هذا التي تشعله دماء شهداء ابرار .. فتية اخلصوا لله حبهم .. وللوطن صدق العمل ..
لحظات من الصمت .. وانا في مراقبة حصاد اليوم على قناة الجزيرة .. تتوقف على صوت نور ابنة اخي الصغيرة - تقول لي انها حفظت اغنية جديدة .. 
وقبل أن اسألها .. قاطعتني .. لتهتف لي .. (مصراتة يا مصراتة خشم معمر واطاته ) ..
هذه الطفلة .. تشعرني في كل مرة بأن نصر الله قريب .. وإلي صوتها الطفولي هاتفاً ، فعلاً اُعزي املي الكبير ..
وما لبثت حتى اضطُررت لاسكاتها .. 
الاخبار الليلة لا جديد يذكر .. قصف خاطئي للناتو على رتل لثوار الشرق كفيلا بتعكير المزاج لوقت طويل ..
اما المبادرات السياسية .. فإنها على ابطأ من مهل تسير ..
الأمر كان بالنسبة لنا كليبيين واضح منذ البداية .. لا مناص عن افتكاك الحرية بالدم ..
ثم وبمزيد من الشهداء .. تركنا ابريل خلفنا .. متأملين فيما سيحمله مايو .. مُترقّبين متأهّبين ..



الخميس، 8 ديسمبر 2011

نور واللّون القذافي

انتهت الثورة لإسقاط الحكم في ليبيا ..
وقد كللت بأقصى مما كنّا نتوقع ولله الحمد ..
الرحلة كما يدرك الجميع لم تكن بالهينة ، واعلاننا عن الكم المستنزف من الارواح فيها ليس مغالاة في التقدير ..
ارتال من الشهداء هي ثمن نجاحها ، والاف من الجرحى ، ومئات من المنازل التي صارت اكواماً من الحجارة ...
اما الضرر النفسي .. فحدّث ولا حرج .. !!
الثورة .. ومنذ ايامها الاولى .. استقبلت كُل من جاءها من شعبنا لاجيء ، طالباً اسقاط حكم امتدّ ليأكل الأخضر واليابس ..
بدأت بأيام عصيبة .. ومشحونة .. والمجال للحديث عن نهايتها لا يبدو جلياً امامي الآن ..
هتافاتها ..
اجل .. الثورة اشعلتها حناجر غاضبة قبل بنادق الثوّار ..
وبعد قطع الانترنت علينا ، تراكمت الافكار التي لم نكن نجد مكانا لإفراغها ..

نور .. هي احد ابرز سمات الثورة بالنسبة لي ..
ابنة اخي التي لم يتجاوز عمرها الثلاثة سنوات بداية الثورة كانت تهتف لي بصوتها الطفولي الله .. الشعب .. وكانت تلحق بها (بيليا) والقصد منها هو ليبيا ..
 احبت الثورة معنا ، وكرهت الظلم معنا ،كانت تشاركنا خياطة اعلام (الاستكال) كما كانت تنطقها ..
كنّا نسجل سوية في آخر الليل نشيد الاستقلال حتى اذا جاء الصباح نسيت ما كنا نفعله البارحة ، او هذا ما كنا نتمناه ..
نور كانت تقول لي بصوت خافت .. عمتو انا اكره (الددافي) كنت اسألها لما ..
فكانت تقولي لي لأنه (يقتل فينا) ..
هذه الكلمة تجعلني افكر مراراً وتكراراً .. إذا كان هذا الطاغي لا يفهم كيف يتحول الطفل البريء إلى فقيه عسكري يعرف ان رصاصة الرأس قاتلة .. هل تراه سيفقه ان قلنا له ارحل .. !؟
ايامنا المُرّة الجميلة .. كانت لا تمضِ دون ان تسمعنا نور نشيد (الاستكال) أي "الاستقلال" ..
اغلب اوقاتنا التي كنا نمضيها سوية كانت في المكتبة .. كنت امازحها بالقول نور انتِ ابنة معمر فكانت تصمت لتشعرني بإستيائها..
من المواقف التي اذكرها ..
عشية يوم من ايام الثورة .. خُيّل إلىّ اني اسمع صوتها، استدرت قليلا بإتجاه النافذة .. فرأيتها فوق سور المنزل ، كانت تصرخ بصوت عال ، (الددافي هرب ياهووه) اسرعت لأنزالها ، لتسألني جارتي .. خيرها نور !!
ابتسمت وقلت لا بأس ، كانت تغني فقط .. !!
مرّت اشهر الثورة ونحن على ذات الحال ، ايام ذهبنا الى المزرعة لتسجيل بعض المقاطع ، واخرى في جنح الليل ، واخرى في النهار .. تركناها ماضي من خلفنا ..
تحررنا .. وصار البوح عادة ..
وظلّت عقدة نور من اللون الاخضر تلازمها وتلازمنا ..
قبل ايام قليلة اشترى لها جدّها علبة الوان .. فكانت اول ما قامت به هو اخراج اللون الاخضر ووضعه في سلة القمامة .. سألتها بإستغراب .. فقالت لا اريده لون (قذّافي)
حاولت ان افهمها أن هذا موجود في علم الاستقلال فأصرّت ان العلم به ثلاثة الوان دون فصل .. كانت تشير بأصبعها الصغير قائلة ( شوفي هما كيف مع بعض احمر واصفر واخضر) كانت تتحدث عن الوان العلم .. العلم فيه اصفر !! او على الاقل هذا ما تدركه حتى الآن ..
ولم يتوقف الامر على لون في العلبة .. فأثناء زيارتنا لأحدى محلات ملابس الاطفال القريبة منا ، كان يعلق فستانا اخضر ..
في بداية الامر .. التفت فوجدت نور تتلمسه ، لم انتبه إلى الامر حقيقة .
خرجنا إلى محل آخر .. ثم دقائق حتى عدنا إلى ذات المكان ..
اخذنا ما نبحث عنه .. وقررنا الخروج لكن الملفت ان نور لم تكن بجانبي ..
التفت يميناَ ويساراً .. وجدتها (تعضّ) وبكل قوتها الفستان الاخضر ..
استأتُ لما رأيت .. سألتها لما فعلتِ هكذا فقالت لي بنبرة غضب .. لا اريده لون قذافي !!
_________________________
كتبت هذه التدوينة .. لربما سيأتِي يوماً تمُرّين فيه من هنا :) ..

السبت، 19 نوفمبر 2011

وعاشت ليبيا !!



كي لا تضيع التفاصيل التي لا بد وأن نرويها يوماً ما كتاريخ .. 
اليوم الموافق التاسع عشر من شهر نوفمبر العام 2011
اعتقال سيف الاسلام معمر القذافي !!






الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011

من أرشيفي "فوضى خارج المقرر"

هذه التدوينة كُتبت العام الماضي حين كان من المقررّ زيارة القذّافي لمدينتي الجميل ، وقد اُلغيّ الموضوع بين دقيقة ونصف !! ولأنه من المستحيل وقتها الإشارة إليه في أي تدوينة ، فقد جعلنا منه ضيفاً مجهولاً ..
اُعيد اليوم قراءة هذه التدوينة وعرضها عليكم،بعد نسخها من المصدر مدونتي التي سرقتها عصابة القذافي 

__________________________________________________________________________


بدأ العام الدراسي الجديد وهذا الدرس خارج مقررات كل المناهج الدراسية ولكن العلم به واجب من باب الاحتياط فقط .. !!

قرارات تعليم عشوائية :

قبول طلبة ، رفض طلبة ، فتح كليات ، اغلاق معاهد ، تحويل كليات ، مناهج جديدة ، نظام امريكي يطبق على طالب في اهم مراحل حياته ، لا يدري عنه سوى مصدق من اللجنة الشعبية للتعليم ومنتهي امره ..!!

جمال عبد الناصر يقول : في هذا من السهل بناء مصنع ومن الصعب بناء انسان

حفلات ، ترف فكري واجتماعي ممقت ، سرقات واختلاسات كبيرة وصغيرة مشاهد نهب ( قاسية ) واشياء اخرى وكانها تمثيلية حياة اللصوص ..

اما وعن قطاع الصحة ( المريض ) فانه لا يشهد حالة غثيان فقط وانما حالة اغماء شديد .. ليبيا تدرس الطب البشري من اكثر من ثلاثين عام وحتى الان لا يزال الليبي يغادر للعلاج بــــ(ـــ الخارجـــــ )

وعن مجموعة الاطباء الاجانب فانهم الصفقة الاكثر خسارة حتى الان .. هنا حيث انا ( طبيب باطنة ) في عيادة ما .. لا يعرف شيء في التشخيص سوى التعميم ( الكل يأخذ حبوب معدة .. واملاح ) دون مراعاة الفروق ( المرضية ) هئ

قطاع الاعلام .. تبجح فارغ فيما يعرض .. برامج خاوية .. اعلاميون ليس لهم علاقة بعملهم لا من قريب ولا من بعيد ( والمقصود هنا ليس التعميم وانما جل ما يشاهده الليبي في المحلية .. ) فساد اداري .. اختلاسات ايضاً

في موقف اخير شدني منذ يومين .. هو احتفال كبير مقام لاجل شخص ما هذا الاحتفال جهز له في يومين بغرس مجموعة من الاشجار (الجاهزة) في الطرقات والارصفة وبعض الاماكن الاخرى ولان الحفل لم يتم فقد سارت قوات وحشود من اللصوص لازالة الاشجار ( وارجاع المدينة كما كانت ) في حالة قحط يرثى له هيئ هيئ ..

لو ان لي سلطة واحدة عليهم لحرمتهم النور حتى يدركوا معنى الامانة ..!! عجباً يا قطاع الطرق

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

شاهِدة على الثورة \ مارس!


ومضى فبراير الدامي وحيداً ..
حاملاً معه تفاصيل مجزرة ميدان الشهداء .. ومحرقة المجرزة ايضاً ..
مارس الغائم .. لم يكن اسعد من ذاك الذي مضى .


الزاوية التي تنادت بحبّ ليبيا ... لم يترك لها الوقت الكافي لكي تقبر شهدائها وحتى وان فعلت فالوقت كان اقصر لترقد تلك الارواح في مأمن ..
ارتال مدججة .. جُندٌ ورصاص .. والمزيد المزيد من الدعم بإتجاهها .. وكأنهم عازمون على دكّ اكبر مدن العالم .. !
الاخبار .. كما هي مصادر الاخبار المعتادة ..
وبعد انقطاع النت لمدّة يومين .. كانت هذه هي السويعات الاخيرة التي يسمح فيها للشعب الحرّ بالخدمة !
واحد مارس .. الاخبار من هناك متضاربة !
انباءُ عن مزيد من الدماء والارواح .. واخرى عن مفاوضات لتسليم الشباب لسلاحهم مقابل مبالغ طائلة  !
كُل هذه العروض المغرية جعلتني اتردد في قبول الفكرة .. انا التّي يفصلني عن الزاوية عشرات الكيلومترات ..
مضى يومين على المفاوضات ..
وهاهو الثالث ايضاً ..
اما الرابع ...
صباحاً .. يتحدث من هناك عن مظاهرة سلمية بإتجاه طرابلس ..
قال احدهم .. سنلتحم بالقادمين من تاجوراء وسوق الجمعة بإتجاه ميدان الشهداء .. !
بضع ثوانٍ فقط كفيلة بتغيير الحال .. الآن لا نكاد نسمع شيئاً سوى
صراخ ربيع شرير على الجزيرة ..
واصوات الرصاص تكاد تكون اعلى من صوته
يناشد المهدي العربي بالانضمام الى الشعب .. 
ربيع كان يقول لليلى الشائبي .. 
هو يعرفني واظنّه ليس بالرجل السيء .. فليسجل موقف في التاريخ وينضم الى اهله في الزاوية .. 
المهدي الخائن للشعب عندما استنجد به لم يتررد في اعلان انضمامه !
وماهي الاّ دقائق معدودات حتى ظهر الخبر العاجل على الجزيرة .. مفاده أنّ اللواء المهدي العربي ينشق عن نظام القذافي !
يا الهي .. الزاوية ستُحرر طرابلس !
هذا ما سار به خيالي للوهلة الاولى .. فبسالة الشباب الذي رأيته معتصماً سلمياً رغم كل التهديدات الامنية ، تجعلك تتيقن بأن خط اللاعودة هو الذي قد حدّد !
الليلة تمضي بمزيد من النحيب هنا وهناك ..
الافئدة تعتصر .. نترقب وننتظر ماذا سيحلّ بالزاوية غداً ..
وهاهي اخبار السابعة صباحاً تبشرّ بمجزرة المسجد ..
ارتال الطاغي بدبابته المزنجرة لم تمهل ثوارنا الاشاوس هناك مزيداً من الوقت ..
الكل كان يتحدّث عن هجوم مباغت لسيارات الدعم والامن بإتجاه ميدان الشهداء ..
هبّ الكُل بجراحهم إلى مسجد الميدان ..
فلم يسلم هو الآخر من قصفه الغادر ..
هكذا بدأت ملحمة الزاوية النضالية ..
مساءً عاد جند الفار مهزومين .. مدحورين إلى الخلف 
وصباح اليوم التالي .. 
بدأت المدينة استعداداً لزف شهدائها إلى ثرى الميدان هنالك ..
فلم تسلم جنائزهم هي الاخرى ..
مزيدٌ من الرصاص ينهال على جموع المتظاهرين .. ولليوم التالي سقط منهم من سقط ونجى من نجى !
في الوقت ذاته -
مسيرات تأييد والتحام بالعقيد الهارب ..
جَموع متناثرة هنا وهناك .. ترقص على جثث ابطالنا !
التاريخ .. لا يُكتب مرتين ، هذا فقط ما اريدُ ان اذكركم به يا ايّها الفارون إلى تونس والمغرب واوروبا !
سيخلدكم فرداً فرداٌ في اسوأ صفحاته على الاطلاق .. وقد جاء يومَ لن ينفع الندم !


الزاوية من جديد في ذهني !
واصوات كلاب القذافي وهي تنبح بإسمه في الخارج لا تطاق .. 
الجميل .. تحتفل بتحرير الزاوية !
تحريرها مما لا ادري !
اصوات المتصلين من الزاوية تُعَاوَدْ .. 
 ومن غير الممكن الاتصال !
كُل الشبكات مقطوعة هناك !
لا مجال للحياة .. سوى امام رقعة خضراء ترفعها عنوّة فوق منزلك !
يا الله يا زاوية ..
دفنت ابنائها اليوم .. لتنبش قبورهم بعد اسبوعين من البطولات ..
الطاغي اليوم ..
وعشرة او يزيد بقليل من "الكومبارس" الذين كان ينقلهم من مدينة لأخرى ..
هُم اليوم في شوارع الزاوية الحزينة ..
رفقة كاميرا "الليبية" وراضية البودي  !
الليلة راضية تدنس اقدامها شوارع الزاوية ..
ومن الملعب الاولمبي بالزاوية الى الاقتحام العشوائي لمنازل الناس مجّبرة ايّاهم الحديث اليها !
راضية .. لا تعرف انّ لغة الجسد التي تحدث بها اولئك المغلوب على امرهم كانت ترسل لنا في كل كلمة .. نبض استغاثة !
لله درك يا زاوية ..
بكثير من الاسى .. عادت الزاوية إلى حزنها الاول ..
وهاهي الارتال ايضاً ..
في طريقها لتحرير زوارة ..
ساعات قليلة ..دُكّت فيها هذه المدينة الصغيرة .. لتعلن ليلاً انها تحررت !
وتبدأ مسيرات الالتحام مجدداً ..
....
وبعد ان اطمأن الزعيم المخلوع على الزاوية .. هاهو اليوم السابع عشر من مارس
يُخاطب حبيبته بنغازي عبر راديو بنغازي واذاعته (القنفوذ) ..
بنغازي حبيبتي .. يا سلام بتجيبوا الامريكان والمستعمرين وانا نتفرج !
وكثيرٌ من خطاباته العجيبة تجعلك في حيرة كُلّ مرّة.. متى موعد التوبة ؟
هدوء هذه الليلة والكُل هنا ينتظر كالعادة ..
صباح اليوم التالي كان طبيعياً او شبه ذلك ..
اما مساؤه .. فقد تُرك لسيف ليُشْعله ..
خرج علينا بتصريح مع احدى القنوات الانجليزية .. ليبشّر العالم الذي كان يخطط يومها لقرار دولي بحظر الطيران والتدخل لحماية المدنين -
مبشراً بنغازي بالموت سائلاً العالم ، عن اي قرار تتحدثون .. فالوقت تأخر جدا،
19 مارس ، 12 ونصف صباحاً ،

بفارغ الصبر نترقب قرار مجلس الامن ..
الكل الليلة مجتمع في البيت ..والكُل ايضاً فقيه سياسي ..
فبينما تعلن اختي الصغرى خشيتها علناً من الفيتو الروسي ..
تجيبها اميّ أن روسيا لا تستطيع امام امريكا ..
وبعد ساعات من الاجتماع المغلق
نحن في مراقبة خُطوات رايس وهي تنتقل من عضو إلى آخر ..الثواني تتسابق بإتجاهك بنغازي .. إماّ العالم وإماّ المجرم !
بدأ التصويت .. لينتهي بتسعة اصوات لصالح القرار بينما امتنعت 5 دول !
كُل من صوت بدأ في تهنئة شلقم .. في المقاعد الخلفية حين كانت عضويتنا في المجلس قد عُلقت !
ومع ساعات الصباح الاولى ..
بنغازي تُدكّ .. ثم الطيران الدولي يبدأ اعماله ولأول مرة ..
طائرات فرنسا تقصف رتلاً من 60 كيلومتر تقريباً .. فرّ منهم من فرّ .. اما الباقي فقد صار رماد !
قدرة الله هي التي حفظت بنغازي .. فالحمدلله كُل الحمد ..
---
تلاشى حُلم الهارب بالسيطرة على حبيبته .. فقرر فتح جبهات اخرى لغرض قتل اكبر كم من الليبيين ..
الجبل .. بدأ الكلاب في الاستعاد للانقاض عليه .. كما هو الحال في مصراتة ..
ايام تمر .. بين الكرّ والفرّ نقضيها .. دول تعترف بالمجلس الانتقالي .. واخرى كســوريا تحث العالم على عدم الاعتراف ..
واخرى كالشقيقة الجزائر ترسل مرتزقتها لقتلنا ، والشعب الجزائري لا يصدق انّ هذا الواقع !! لأن بوتفليقة هو ملك ملوك افريقيا المُرتقب !
.. 
صباح اليوم .. استيقظ الشعب منذ ساعات الفجر الاولى على رصاص كثيف ..
خرج والدي يسأل .. فإذا بإمام مسجدنا العتيق المجرم ابراهيم الفقيه ينادي شباب الفاتح بالخروج - بنغازي تحررت !
وبدأت مسيرات ال.. وبدأ صمّ الآذان منذ الصباح ياجزيرة ياحقيرة قايدنا ... !
مسكينة الجزيرة .. كمْ اهينت في كُل تحرير "مزمع اعلانه" .. !
السيد شمام مساءً .. يصرح ان الرصاص الذي استيقظ عليه الشعب هذا الصباح كان لتغطية خبر الطائرة التي اسقطها الشهيد الطيار -عصمان-فوق باب العزيزية !
وذيع السرّ يا فذافي .. 
وانتهى شهر مارس .. مودعاً اياكم ياشهدائنا بكل الفخر !

الجمعة، 21 أكتوبر 2011

The end


انتهى ، ومرارة اعوامٍ اكبر من أن تَخْتَزِلها كَلِمَات 
قتلنا وشرّدنا وانتهك حقوقنا ودمّر بلدنا

ثم هرب ، واختبئ في حفرة

أليس هكذا تموت الجرذان يا طاغي ؟

ـــــــــــــــــــــــــ
He killing us , displaced ,violated out rights , destroyed our country

Escape .. and hiding in the hole

So , what about your life , the rats dosent died like you?

------------------------------------

Libya will be better without him 

الخميس، 20 أكتوبر 2011

انتهى !

وقتله من زَعُم أنّهم جُرذان !
الزّعيم المزعوم صار في المزبلة !


_______________________________
20 اكتوبر2011

الجمعة، 7 أكتوبر 2011

شاهِدة على الثورة !

جُل الاحداث ضاعت .. بعد ان اضطرني الامر لحرق كُل ماكتبت حول الثورة في يومِ من ايام القذافي السوداء .
ما اذكُره منذ البداية .. ودون كثير من التدقيق والتأريخ، الكم الهائل من الرسائل والدعوات التي توالت على حسابي الفيسبوك ، مطالبةً بالخروج للتظاهر السلمي في يوم السابع عشر من فبراير الماضي ، تحدثت إلى والدي بخصوصها ، نصحني الحذر في التعامل معها لانه وعلى حد وصفه قد يكون "خوّان الامن" من ارسلها ..
لم استطع ان التزم واستمريت في متابعة ما يُكتب كل دقيقة تقريباً ..
توالت الاخبار ومؤشرات الثورة منذ ليلة الخامس عشر من فبراير .. وصلتني اخبار تقول بأن تربل اعتقل ..
 وفي الليلة ذاتها او بعدها بليلة وصلني خبر اعتقال الكاتب ادريس المسماري تلتها اخبار بأنّ الشباب في بنغازي قد احرقوا مراكز الامن ..

 صباحاً وعلى صوت والدي يناديني ، ايناس تعالى "شوفي الثورة"، حقيقةً ان الشعور كان اشبه بالحلم ، 
شعرت للوهلة الاولى ان والدي يتمنى قيام الثورة فخُيّل اليه ان مايجري في بنغازي ثورة .. شعورُ المتمني بحدوث الشيء .. المتردد خوفاً الاّ يحدث .
اسرعت لمشاهدة الجزيرة .. واذ بها صور الموتى والاشلاء تملأ المكان .. اصوات الصراخ ..
اتصلت باصدقائي هناك ..
صرخ احدهم في اُذني ..
"جايب مرتزقة يقتل فينا ..
سألته .. هل تمزح .. فردّ السؤال هذا وقت مزح؟
امسكنا ببعضهم وهم الآن بين ايدينا ..
- كيف وصلوا الى هناك ؟
فقال بأن عملية الانزال تمت عن طريق مطار الابرق ..سِرْت بخطوات ركيكة الى الجامعة .. فقط لجس نبض الطلبة فيما يحدث
دخلت قاعة المحاضرات .. فإذا "بزهرات الفاتح" يصحن الفاتح وبس !!
وكثيراً من التنظير المقرف ..
الوضع مزعج ولم يعد يطاق فالحديث حول بنغازي كان كالتالي :
الصور مفبركة .. بنغازي آمنة .. الجزيرة حقيرة فالقائد لا يقتل شعبه !
احترق الصبر حقيقة واقتربت اليهنّ متوجهة بسؤال ..
من حقن اطفال بنغازي بالايدز !
ردتّ بضحكة اقرب الى "السُخف" .. شن قصدك القائد ادير هكي ؟
استمريت في النقاش مع بيزنطيات القذافي دون جدوى ..
عدت الى البيت للعمل على "فيسي"
دوّنت سخطي ونقمتي حول محطّات القذافي التي كانت ترقص على اشلاء شهدائنا ..
سجلت عن المرتزقة .. وكونه لم يكن امامي من خيار ..
حاولت الاتصال بأصدقاء لي في الداخل والخارج لسؤالهم ماذا سنفعل لأجل بنغازي ؟
البعض قال بأنه عاجز عن تقديم شيء .. والبعض الاخر سخر من الموضوع ..التحشيد والتحريض للخروج هما خياري ..
كتبت عندما كان حائط الشبكة "شبكة" .. ثم 
ال17 كان يوماً مشتعلاً
الشعب يريد اسقاط النظام .. هكذا هتفت ليبيا بأعلى صوت
وما لبثت حتى قابلها النظام بما ادخره ل42 عاماً
مروّعة هي الصور التي تتناقلها وسائل الاعلام .. موجعة ومفزعة و في الوقت ذاته كان العجز يكبل الجميع ..

اليوم ال18 من فبراير
سقطت شحات ..
هاتَفْتُ من كان هناك فردّوا حررناها،القردافي خلاص انتهى ، لم يعد موجود ،حتى العلم الاخضر حُكم بالانتهاء ..
شحات والبيضاء وفي الطريق لبنغازي ان شاء الله ..
هذه هي ملامح شحات والبيضاء اَذا.. مكالمات هاتفية تتوالى على القناة ، البعض كان يصرخ اما نحن فإننا نحترق عن بعد !!
استمرينا في متابعة الشبكة .. نكتب وننقل الاخبار والصور بقدر استطاعتنا .. 
الاخبار اليوم متسارعة الوتيرة ..
بنغازي مشتعلة .. يقال ان القتلى فيها بالمئات
مع انتشار لذوي القبعات الصفر ..
الانترنت سيء للغاية ..
والمعلومات في شحّ او يزيد ..
قوات دعم .. شرطة .. جيش ومرتزقة .. تهاجم المتظاهرين ..طائرات فوق رؤوس العُزّل ..
الامر الآن يستوجب حمل السلاح، لم يعد ثمة مجال للتأخر ..
صباح ال20 من فبراير ..
الاخبار تقول ان الشهيد المهدي زيو اقتحم بسيارته المفخخة وكر الفساد "مقر كتيبة الفضيل"..
هجم الشعب واحتل الكتيبة .. وهذه هي آخر حصون امن القذافي ..
بنغازي في يد الثوار اليوم .. بنغازي مستقلة وحرّة ..
تعالت النداءات هناك .. عاصمتنا طرابلس .. 
وفي اقصى الغرب لم تكن بنغازي لوحدها
الزنتان..مصراتة..الزاوية..طرابلس..زوارة.. الكل يريد فداء بنغازي هنا ..
وتيرة الثورة تشتد يوماً تلو الآخر ..
وبعد انشقاق الدباشي هاهو عبدالرحمن شلقم يخطب في الامم المتحدة .. ينصح القذافي بالخروج !!
ليبيا بدأت عهدها الجديد .. 
اذكر ان تلك الايام الشتوية الممطرة جائتنا بكثير مما نتمنى .. 
تفاصيل لا يمكن حصرها ولا نسيانها .. تأريخها شيء جميل وصعب ..
من منّا لا يذكر .. خطابات الاسرة التي بدأت بال"مهندس" الساعدي في كلمة الى شباب بنغازي ..
ولكن شباب بنغازي خذلوه فعاد مدبراً هارباً .. ولم تبقى في اذهاننا سوى سياراته المحروقة تحت شتاء بنغازي ..
تلاه في "المهاترة" شقيقه الدكتور ابو سبّابة طويلة !!..
لا اخفيكم انّ خطاب سيف بالقدر الذي اسعدني لانّ اوراق التمساح قد احترقت .. بقدر ما اخافني حول ماسيصنعه ببنغازي المحررة آنذاك !!
اما الوالد الذي شيِع هروبه ليلة ال23 إلى فنزويلا .. 
 حرمنا النوم ..  فالخبراشعل ليبيا من شرقها لغربها ..
كل المثابات احترقت .. كل مراكز الشرطة .. الكل اعلن فداؤه لبنغازي هذه الليلة ..
ولكن .. سرعان ماتبدّل الحال بخبر عاجل مفاده ان القذافي سيخرج متوجها بخطاب الي الشعب هذه الليلة ..
طال الانتظار الى ما بعد منتصف الليل ..
وهاهو القذافي الآن في مشهد كوميدي سخيف .. امام بيته الصامد ليعلن ان اذاعات "الكليبات" -على حد تعبيره- كاذبة وانه كان سيخرج للسهر مع الشباب في الساحة لولا الامطار ..
من هنا بدأت
لم يكن احد ليتوقع هذا ..
اُخمِدت المثابات والمراكز .. اسرع الشباب لحماية احيائهم وشوارعهم .. 
امام المسجد العتيق "إبراهيم " يخرج بمكبر الصوت صادحاً .. ياشباب الفاتح لا تصدقوا هذه الاذاعات القائد موجود وباقي معكم ..
عادت المدينة كما كانت .. وعادت الاعلام الخضراء ايضاً ..
اليوم التالي كان هدوء نسبي وحذر .. استمر الحال يومين وثلاث .. 
بعد ذلك عصراً توجهنا الى الجارة زوارة لشراء اقمشة العلم..
كانت مستقلة هي كذلك كما هو الحال في ميدان شهداء الزاوية التي انتفضت منذ اللحظات الاولى لسقوط شهداء بنغازي ..
اخذنا الالوان المطلوبة في حذر عدنا الى مدينتنا ..
امّي لم تكن راضية .. فأخذت تلف القماش مسرعة .. متسائلة ماذا لو دخل الجيران :)
اجمل الايام تلك التي كّنا نصنع فيها الاعلام ونملأ بها حشو الوسائد كإحتياط امني في حال هجم رجال أمن القذافي ..
شعور البهجة والخوف ولذة الانتصار .. شعور التضامن الحميمي .. هذا كُل ماكانت تنقله الينا قطع القماش قبل ان تحاك علماً..
ايام كنّا نعيشها في جوٍ منفرد ..
بينما بدأ الكثير في الحديث عن التلفزيون الليبي ..
الكل كان معجب بشاكير وهالة .. والبعض ادمن حمزة التهامي ..
الناس هنا لم تعد تأبه بشيء .. القذافي فقط .
كثيرون ممن ولّوا مدبرين في حضرة الجزيرة .. 
والبعض كان يطلب ممتعضاً.. فكّونا منها هالقناة !!
كُل الجلسات كانت تشتغل القذافي.. الحوار بين قلة المعارضين المُعلنين هنا مع الاغلبية التي تعشقه كان ممنوعاً ، لأن اي خائن للقذافي هو خائن للوطن بحكمهم ..
الغرب جاء ليغزونا .. الغرب يريد التمتع بثراوتنا ..
يحتدّ النقاش فأسألهم عن اي ثروة يتكلمون .. يجيب الممتلأ منهم يكفينا الامان ..
يتحدثون عن الامان الذي تحققه "ابواب الحماية الحديدية والنوافذ كذلك " 
قالت لي احداهنّ .. يكفيني النوم في راحة !!
اجل هكذا يفكرّ اتباعه ومؤيدوه !!
ببساطة هذا ماعشته في فبراير الثائر .. اما مارس فإن قصته اطول بكثير .. انتظروني .

الاثنين، 3 أكتوبر 2011

عُذراً ليبيا


قبل 3 سنوات ونصف من الآن اصبحت ولأول مرّة مدونة .. 
مدونة ليبية وما اجمله من شعورِ ذاك عندما يخيّل اليك انك صرت إنساناً ستُعبّر بقليل من المسموح .
ثم ما لبثتت حتى صارت تجربة التدوين بالنسبة لي اشبه بالإقامة الإجبارية .. حيث لا مفر من الكتابة ، ولا كتابة لنقابلها بوجهٍ حقيقي . 
فالأمر ودون مبالغة كان اصعب مما يتصوره كثيرون .

تجربتي .. بعيداً عن المزايدة كانت اضعف من المتوقع ، لا انكر انّي لم ابذل ايّ جُهدٍ فيها ، سوى القليل في بداياتها على موقع مكتوب لتمر بعد عام منها الى "spot" بذات النهج البطيء ، برغم ايماني بسلبية ما اقترفت الاّ انّ الخيارات امامي كانت محصورة في واحد .
الحديث عن الكتابة كان يخنقني ، فتجربة والدي المريرة في الصحافة جعلت من مشروع الصحفية بالنسبة لي ابعد مايكون ، اما الاصعب والادهى فهو الحديث على ليبيا "الماضي " .
الموضوع شاق ،لأنّ الحديث عن ليبيا التي نريد في وجود تلك الزمرة الفاسدة كان "حلم لطالما تمنياه جميعا" .
وبعد عمرٍ .. اضاعه البعض في الإنتظار .. 
وسرقه الموت من البعض بعد التمني .. وعاشه البعض ليفتكّ حريّته ..
ثُرنا .. وضحينا .. وقدمنا شهداء .. ثم تحررنا فحرّرنا الوطن
الآن .. وقد صارت ليبيا الجديدة بين ايدينا .. 
انا اكتب  ..
نعم .. استطيع الآن ان اعترف بأن الهروب من الواجب قد صار ماضي .. 
اليوم اعلن إن نفسي ووقتي وماملكت في خدمة بلدي .
شهدائنا الابرار .. انّي لا احسب انكم بحاجة الى ان اطلب لكم الرحمة ، ولكني سأفعل ولله ان يتقبلها ويتقبلكم جميعاً برحمته 
وختاماً .. عذراً ليبيا ، لأنني لم اصدق حينما قلت بأن الجميع قد يتفوق عنّي في كل شيء ولكن لن يتفوقوا عني في حبك "
عذراً ليبيا .. احببتك و احبك ولكن شهدائنا اثبتوا دون مغالاة انّ حبّك بالنسبة لهم ليس كلامأ فحسب ، فلكم الجنة يا شهداء الوطن ..

عاشت ليبيا حرّة مُستقلّة .